الفيل السينمائي

موقع السينما العراقية

معركة من اجل حديثة







فيلم (معركة من اجل حديثة)في البيت العراقي -لاهاي




وسيم بنيان


قبل البدا:

في أمسية جميلة حضرها بعض المثقفين والكتاب العراقيين , إذ شهدت استضافة الكاتب والإعلامي والسينمائي ,ورئيس تحرير سينما عالمية , ومؤسسة الشرق الأوسط للثقافة والفنون محمد حياوي , من اجل عرض ومناقشة الفيلم , وقبل العرض استعرض الصحفي والإعلامي العراقي رياض الفرطوسي بطاقة شخصية مختزلة عن الضيف وتابع حياوي قبل العرض وبعده التعريف بالفلم , وسجل بعض الحاضرين انطباعاتهم وملاحظاتهم عن الفيلم الذي تم عرضه على شاشة عرض مستطيلة متوسطة الحجم من نسخة (ديفي دي) صالحة , فكانت الأجواء اقرب ما تكون إلى أجواء صالات العرض السينمائية , تحدث حياوي في النهاية عن الفيلم معرفا ببطلته الأساسية ياسمين حناني وهي عراقية آشورية لم ترى العراق قط إذ هاجرت عائلتها إلى أمريكا من زمن طويل , واشاد المتحدث بالدور الذي لعبته هذه النجمة في الضغط على المخرج البريطاني (نيك بروم فيلد) المختص بالأفلام الوثائقية وكان أن وافق أخيرا على إخراج الفيلم الروائي الذي أبدع في المزاوجة فيه بين الروائي والتسجيلي بشكل ناجح , واشاد أيضا بدور البطلة المتميز واشار إلى أنها تحمل حب العراق في قلبها وكانت قد شاركت في ثلاث أفلام وثائقية عن العراق هي على التوالي:(صوت العراق) 2004,(بلدي بلدي)2005 ,(دماء أخي)2006 , وعن دورها في الفيلم المزمع عرضه أشار بإعجاب آلا أنها أتقنت اللهجة العراقية بشكل ممتاز..,

فضاءات الفيلم:
(هناك اكثر من طريقة لقول الحقيقة ) ياسمين حناني

يبدا الفيلم ببعض اللقطات الوثائقية ومن الصحراء التي تمثل صورة واقعية لما آل أليه العراق على كل الأصعدة, تطل علينا الآليات العسكرية الأمريكية تصدح موسيقى عنيفة ومزعجة من مسجلاتها كإشارة إلى مستوى الجنود الثقافي الهابط وتبعا لذلك تصرفاتهم الرعناء وآلا مسؤولة حتى أن الناظر إليهم يخالهم كمجموعة مراهقين في سهرة صاخبة , يكشف أحدهم عن مؤخرته إشارة لاستهتاره بكل القيم الأخلاقية الماثلة في ثقافة وذاكرة الشعب العراقي المحتل ,ورغم انهم في الصحراء ألا أن ذلك لا يخفف من وطئ الاستهتار فهو ينطلق من نفس المحيط الثقافي الذي يحكم اغلب علاقات جنود الاحتلال وهو نفسه الذي جر إلى فضيحة (أبو غريب) فلأمريكان من اشد الشعوب المولعين بكشف مؤخراتهم..,يلج الفلم إلى سوق القرية مباشرة لنتعرف مع انتقال الكاميرا المحمولة وبلقطات سريعة عن نبذة اقتصادية وثقافية وجغرافية للمدينة العراقية المنكوبة , وتظهر الآليات الأمريكية داخل المدينة هذه المرة وتستعرض الكاميرا وجوههم وحركاتهم كمقدمة للحدث الأول وهو مقتل امرأة بنيرانهم دون سبب واضح بالفلم وهذا المشهد يختزل سياسة عامة فحيثما كان الجنود الأمريكان لابد أن يكون هناك قتل عشوائي للمدنين وبلا أسباب واضحة, ويمهد المشهد من جهة أخرى للبطل الرئيسي العراقي الآخر الممثل( فلاح عبد الحسن) وهو منزعج من هذا الحدث ويتأسف له ثم يعود إلى بيته ويقص على زوجته الحادث ويطلب منها أن تجلب له المشروب الكحولي , والمشهد جيد إذ انه اقترب من الكشف عن نقطة مهمة يهملها كل الذين يتحدثون عن ماجرى من مقاومة في العراق بشكل غريب ألا أن المخرج ابتعد عن رأيته هذه في اللقطات الأخيرة لأسباب سنستعرضها في نهاية هذا المقال ونكشف بعض خفاياها , وتتزامن مع هذا المشهد الالتفاتة الذكية الأخرى للمخرج إذ انه يجعل المسؤول عن زرع العبوة وتفجيرها مع رفيقه(جعفر) يحملون كاميرا ويوثقون الأحداث ,والكاميرا هنا وبغض النظر عن استبطانها دوافع سياسية خطيرة سنؤجل الحديث عنها , تختزل بعدا فنيا راقيا وهي تحمل عين الحقيقة بلا مواربة ممهورة بالتوثيق ومشفوعة بالدليل الفوتوغرافي , كما وأنها تمثل عين الذاكرة الغائبة الحاضرة للناس التي شهدت أحداث تلك الحادثة الدموية المؤسفة,وتبدا الأحداث المتسارعة المشوبة بلقطات جنسية , يبرز فيها الممثل(اليوت كرويز),قائدا للفصيل الأمريكي الذي تورط في المجزرة لاحقا..وترتسم عندنا صورة كاملة لدور الإرهابيين في إنجاز مخططاتهم وأساليبهم ويوازن المخرج بشكل ذكي لمسؤولية الحادث فهو تأسس من غباء الإرهابيين ولا مسئوليتهم من جهة, ومن رعونة وغضب الجنود الأمريكان الذين تصرفوا بشكل هستيري, لكن الفيلم يؤكد على أن هذه التصرفات الرعناء المؤسفة مرفوضة وغير مقبولة من قبل سياسة(البيت الذي يسمى بطرافة ساخرة الأبيض) وكل صناع القرار الاحتلالي الأمريكي, بينما يظل تصرف المقاومين مهملا فهو قد حسم الأمر بشأنه من جانب الأمريكان حيث انهم يصنفون كل من حمل السلاح عليهم مخرب ومجرم وإرهابي مهما كانت دوافعه ونوازعه فلا يوجد ولا مقاوم واحد -وبمنتهى الغرابة- صالحا..نصل أخيرا إلى الاقتحام المدمر إلى بيوت المدنيين الأبرياء إذ يستخدم الجنود خلاله القنابل اليدوية ويقتحمون البيت ويقتلون العوائل والأطفال بشكل مرعب ومأساوي , ويقتل أيضا زوج هبة (ياسمين حناني) كإشارة مهمة ألا أن هذا الرعب يقتل كل أنساني وكل ما له علاقة بالإنسان عبر قتله لأجمل علاقات هذا الحب الإنساني العاطفي بين هبة وزوجها وقد فرق الحادث بينهما وظلت هبة وحيدة تنتحب فوق جثة زوجها واعتصرت المرارة ولألم كذكرى لعار الحروب الهمجية , التي ندم عليها حتى طرفيها المباشرين من المقاومين والأمريكان قبل غيرهم كما يظهر ندمهم قبل نهاية الفلم..

مسك الختام:

الفيلم مأخوذ من واقعة حقيقية طبعا جرت وقائعها في (حديثة) إحدى المدن العراقية ,حاز مخرجه على جائزة افضل مخرج(الصدفة الذهبية) خلالا حفل توزيع جوائز مهرجان سان سباستيان السينمائي الدولي الخامس والخمسين ,صور الفيلم بكامله في الأردن ,والمخرج اختار من مدينة جرش الأردنية مقرا رئيسي ليورد فيها أحداث فيلمه مستعينا بطاقم عمل محلي وعربي وصل عدده إلى 200 , وقد عرض الفيلم للمرة الأولى في إطار مهرجان تورنتو السينمائي الدولي, وبالنسبة للمثلين الذين أدوا أدوارهم بامتياز قد تمكنوا من المرور إلى الساحة السينمائية العالمية بسرعة كما حصل مع المثل (اليوت كرويز) الذي صار لاحقا ممثلا محترفا , كما أن الممثلة (ياسمين حناني) شاركت بعده في بطولة الفيلم الأمريكي الذي سيتناول حياة النبي موسى ..
وبشان المناقشات التي آثارها الفيلم في البيت العراقي-وقد تثار في غيره لاحقا- فكانت ذات طابع سياسي لكننا لا نستطيع تجاهلها فالمنحى السياسي يحكم الفيلم وصناعه بقوة وبالتالي يتوجب علينا إثارة بعض النقاط حولها , من الواضح أن أي شخص من العراق أو خارجه يحق له التساؤل لماذا فقط معركة حديثة يهتم بها الأعلام وينجز عنها فيلم سينمائي على رغم بشاعتها ورعبها لكن ما نعنيه أن هناك جرائم أخرى للأمريكان في عموم العراق بدا ببغداد والرمادي والمدن العراقية المقدسة والجنوب العراقي الذي كان وما يزال مسرحا للحروب الداخلية والخارجية وبتعبير أحد الحاضرين في الأمسية انه إذا أراد شخص الحرب مع (كوسوفو) فلا بد له من أن يقصف البصرة أو الجنوب عموما هذه الأسئلة وغيرها تدفعنا إلى كثيرا من الأسئلة لعل أهمها هل أراد الأمريكان أن يعروا نفسهم بمنتهى الشفافية وبالتالي يصير السؤال إذا لماذا هذه الانتقائية في التعرية ولماذا لن يصار ألا إنجاز أفلام متنوعة عن كل المدن العراقية المنكوبة إلى غيره من الأسئلة وقبل الإجابة لنعرف كيف انتشرت نسخة الفيلم في البدء ثم نعطي تصورا معقولا نوعا ما للسياسة الأمريكية التي تدخلت بشكل واضح في رسم خريطة الفيلم حسب إمكانها محاولة لملمة الفضيحة, يقول قاسم حول*:(بعد أن حصلت مجلة (تايم) على شريحة فيديو فضحت الحادثة وتناولها المخرج في كتابة سيناريو , وتحول إلى فيلم بدعم من القناة الرابعة البريطانية ,اضطرت الإدارة العسكرية أن توجه التهمة لأربعة من جنود المارينز , وهذا أيضا ما أظهره الفيلم , وهو ما خفف من قوة الإدانة سينمائيا ,كما يعرض لنا الفيلم أساليب المقاومين في تزيف الحقائق ,هذه المشاهد القصيرة هبطت ذروة الفيلم ,..أن هذا الفيلم اتعب جورج بوش ,من خلال ما تركه من اثر في بريطانيا وأمريكا فكان الناس يتداولون الشرائح المطبوع عليها الفيلم لكي يشاهدوا صورة أبنائهم في الحرب, وقد احدث الفيلم لغطا في صفوف المجتمع الأمريكي وكتب عنه النقاد كثيرا, ..لولا التنازل الأخير في العشر دقائق الأخيرة من الفيلم لشكل في حقيقته قيمة تاريخية بين ما هو روائي وما هو تسجيلي , أكاد اشك أن الدقائق الأخيرة فيها شيء من المساومة والتنازل بين القناة الرابعة البريطانية والمخرج ,وبدون هذه المساومة يصعب إنتاج الفيلم وبالتالي عرضه سينمائيا وتلفزيونيا..), إذا نقاط دقيقة تلخص السياسة الأمريكية وهذه السياسة تجيب على كل الأسئلة التي آثارها الحاضرون كما أنها تغطي على غيرها مما قد تثار لاحقا فلولا أن الفيلم وثق وصور ووصل ليد الصحافة الأمريكية الحرة لما عرضت هذه المأساة ولما رأت النور حالها حال عشرات بل مئات الحوادث على امتداد المدن العراقية المحتلة , وقد قلت في فقرات سابقة من هذا المقال بان للكاميرا في الفلم هدف مزدوج يستبطن أبعاد سياسية واتصور انه توضح الآن بان مراد المخرج الإشارة إلى ذلك وعليه لا يبقى مجال للتساؤل انه لماذا لم تعرض باقي المجازر الأمريكية التي مورست بحق الشعب العراقي لان الجواب واضحا فأكثرها تم التغطية عليه والحيلولة دون وصوله ألا أيد المثقفين والفنيين في أمريكا وهنا لابد لنا من الإشارة أن الحرية التي يتبجح الساسة الأمريكان بها ليست سوى افتراء وكذب وتهريج وانهم في أي مكان وزمان أينما بعثوا جنودهم فعلوا المخازي والفضائح التي يندى منها جبين الإنسانية وتفوق بآلاف المرات بعض أفعال المقاومين المنحرفين والإرهابيين الذين تغذوا وترعرعوا في أحضان السياسة الأمريكية أولا ثم تعاقدوا مع جهات حكومية عربية إذ شاركت اغلب الحكومات العربية في تدمير العراق مع الأسف الشديد من اجل مصالح سياسية أيضا وتدخلت تبعا لذلك الأجندة الإيرانية وباقي دول الجوار حتى أننا نكاد لا نجد حكومة عربية أو مجاورة لم تعين على تمزيق العراق فجنت على نفسها أيضا إذ أن الخراب إذا حل في بلد سيدمر البلد وجيرانه إلى أن الذهنية الكرسوية السياسية من جهة وخدمة المصالح الأمريكية من جهة أخرى لهما سلطة مطلقة وبدل من أن يهتم الحكام في إصلاح واقع شعوبهم المزرية صاروا يعلقون أخطائهم وفضائحهم على أمريكا ويطيب لنا أن نقول لهم أن اللعبة انتهت والورقة مكشوفة آيها السادة لان السياسة الأمريكية فضحت عن طريق أدباء وصحفيون وفنانين أحرار نز هاء من داخل أمريكا قبل أن يكون من خارجها وها هي الحرية الثقافية والفنية تنتصر وتؤشر أن إرادة الإنسان للبحث عن الحرية والسلام والحقيقة أقوى من كل أساليب السياسيين العفنة العربية وغيرها وهذا ما نحبه ونحيه في الشعب الأمريكي الحر ونباركه ونفخر به ,ونستنكر ونلعن ونشجب من جهة أخرى وساءل سياستها المخزية البائسة, وختاما حاول هؤلاء السياسيين الأمريكيين احتواء فتيل فضيحتهم لأنهم لا يستطيعون أن يلجموا أفواه الأحرار من الشعب الأمريكي مهما فعلوا لا نهم سيقلبون سياسيهم ويموجون الأرض من تحتهم ولهذا لا تحتاج الشعوب الأمريكية ولا الأوربية المتحررة أي شماعة تعلق عليها أخطائها ولا ألا أقنعة تغطي بها عيوبها , وعلى أي حال أن الحقيقة التي عرضها الفلم اشتركت فيها اكثر من جهة كان أهمها الجهة التي وثقت وصورت الفيلم ومهما كانت غايتها ودوافعها ألا أنها فعلت خيرا إذ لولاها لما رأينا هذه المجزرة التي أودت بحياة عوائل عراقية بريئة , وأنا متأكد كما علق أحد الذين حضروا عرض الفلم بان هناك عشرات الأفلام الموثقة كلها مخزونة ومحفوظة وبانتظار أن يأتي اليوم الذي تتحول فيه إلى ذاكرة سمعية ومرئية عبر السينما و لا يفوتني هنا من مناشدة السينمائيين العراقيين والمثقفين من مواصلة الضغط على سياسينا الذين لا يعون ولا يعرفون أي شيء عن هذه الأمور للبدا بأحياء السينما العراقية التي تآمر عليها الجار وغيره مع الأسف الشديد واتمنى من كل قلبي أن تشكل لجنة لأعادة تفعيل السينما العراقية بان يبدا الضغط من داخل العراق وخارجه على كل الجهات المحلية والعالمية من اجل ذلك ونحن نمتلك سينمائيين مبدعين لكنهم وكما هو الحال مع كل المثقفين العراقيين مهمشين في الداخل والخارج , وافرحني أن السينمائي محمد حياوي قد باشر العمل في صحيفة سينما عالمية الإلكترونية وكذلك احي موقع الفيل والفيل الأحمر كما واشد على يد المخرج العراقي المبدع قاسم حول وماهود بالإسراع في إنجاز المهمة إذ يبدوا أنها استوفت شروطها التنظيرية وصار الجميع يعرف فائدة السينما على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية ولقد تأخرنا كثيرا وينبغي أن نكثف الجهود بكل جد وكان الله في عون المعنيين بالنهوض بهذا الواقع المزري للسينما العراقية الميتة تقريبا, وفي النهاية لي ملاحظتان على الفيلم لابد من الإشارة أليهما سريعا كان مشهد الاقتحام الأمريكي لمنازل الضحايا مؤثر جدا إذ ارتفعت موسيقى صاخبة ومعبرة مع تصاعد الدخان والدماء وصوت الطلقات والطفلة الدامية في وسط ذلك الخراب الشامل الذي حقق ذروة إخراجية عالية الإحساس والجودة, كما أن التناص بين ندم منفذ العملية التفجيرية ,ومنفذ العملية الاقتحامية العريف الأمريكي يؤشر التفاتة مهمة وذكية عند المخرج إذ انهم ورغم ما تسببوا فيه من كارثة أودت بحياة 24 مواطنا بينهم أطفال إلى انهم ندموا وشعروا بمرارة عنيفة وهذا هو واقع الإنسان الذي يملك ذرة من الإنسانية مهما خربت نفسه يوجد هناك مساحة ضئيلة للاعتراف بالخطيئة في داخله, أما بشان الملاحظة المهمة التي أشرت أليها قريبا واجلت الحديث عنها فهي أن المخرج قد اظهر لنا الشخص الذي ينفذ العملية وهو يشرب الخمر , وهذا قد يكون متأت طبعا من الفكرة الصبيانية التي تورط فيها اغلب –أن لم اقل كل – الذين عالجوا ظاهرة المقاومة** في العراق وهي انه يوجد فيهم الكثير من الذين يشربون الخمر للإشارة الا تشويه بعض اوجه المقاومة وبغض النظر بأننا نتفق أو نختلف مع هذا الموضوع الشائك والمعقد والذي لازالت القراءات متشنجة ومتناقضة حوله بين قراءة تحاول أن تجعل من المقاومة مقدسة ونزيهة وشريفة وليست لها أي دوافع سياسية عربية وعالمية ,وإنها لم ترتكب أي جرائم بحق الشعب العراقي بحيث كانت مأساتها عليه اشد من مأساة الاحتلال نفسه ,وبين قراءة لا ترى أي مصداقية ووطنية وشرف واخلاص عند كل المقاومين مهما كان مذهبهم أو عقيدتهم, والتشويه الخمري السابق من ضمن هذه الثقافة الغريبة حيث يحق لي ولغيري أن يتساءل ما دخل الخمر بأصل الموضوع وهل أن الشخص الذي تحتل دولته ويود أن يقاوم المحتل يجب أن لا يكون شاربا للخمر ,وكأن واجب التحرير الوطني المقدس غير مفترض على سوى المسلمين وهذا من غرائب الأمور وما هو اشد غرابة أن الموضوع رغم ما قيل وطرح بشأنه لم يلتفت أليه أحد –حسب علمي- وهذا واقع كل بلدان الدنيا من أول التاريخ إلى اليوم يسجل أن البلد المحتل يجب أن يتعاون جميع أبناءه على تحريره شارب الخمر ومحرمه كلهم مسؤولين عن ذلك , وأنا طبعا اذكر واعيد أن المقاومة لا تقتصر قطعا على السلاح فهناك المقاومة الفكرية والثقافية والسياسية التي وصلنا الآن إلى ذروتها وهي بالذات ما يجب التأكيد عليه حاليا الا أن هذا لا يعني بأنه ليس هناك مقاومة مسلحة أدت واجبها الوطني بشرف ونزاهة مهما كانت طائفتها وتوجهها نعم في نفس الوقت أنا اتفق أن اغلب الحركات والمنظمات الخارجية خصوصا قد جرت على العراق واهله كوارث مؤسفة لتبنيها مشاريع ادولوجية وسياسية معينة ولم يهمها العراق واهله وعلى أي حال أن هذه الصفحة المشرقة من صفحات المقاومة العراقية الوطنية موثقة أيضا وسيأتي اليوم الذي ترى فيه النور على قلتها ,واعتقد أن المخرج التفت بطريقة وأخرى الا أن بعض المقاومين كان يدافع عن بلده وهو مدفوع بالحس الوطني وليس الديني ولذلك جعل منفذ العملية يشرب الخمر وقد أوضح انه لا يوافق على الرؤيا التافهة التي أشرت أليها أي أن المقاومين يشترط أن يكونوا إسلاميين ومتدينين ,بكونه كان متعاطف في بداية الفلم مع منفذ العملية الذي أوصل إحساسه بالمرارة والأسف لأن الأمريكان دمروا بلده لكنه عاد وللأسباب التي نقلناها من قاسم حول إلى الانحراف عن هذه الفكرة بعد التدخل الذي يشير أليه حول من قبل القناة الرابعة المدفوعة أكيد من الساسة الأمريكان للملمة الفضيحة كما قلت سابقا فاتجهت اللقطات الختامية الا أن تظهر منفذ العملية كأنه شخص جاهل وارعن حتى أن لقطات إطلاقه على الأمريكان واقتحامه لبيت عراقي بذلك الشكل الذي يظهره الفلم ليس مقنعا ولا مبررا بل على العكس فأن منفذ العملية سيكشف نفسه بهذا العمل وسيفقد حياته بينما كان الأجدى له كما هو المفروض أن ينسحب بهدوء , لكن المخرج ومن اجل غايات مبطنة في اتفاقية القناة الرابعة أرادت أن تخفف من الجريمة الأمريكية بإلقاء ألوم أولا واخيرا على المنفذ ومن يقف وراءه من الإرهابيين الذين نجحت اللقطات الأخيرة في إظهارهم حسب الذائقة (التكساسية) لبوش وصناع قراره كونهم مجرد جاهلون انتهازيون سفلة لا يهمهم سوى المال ,ولذلك كما يبدوا علق حول على هذه اللقطات الختامية بكونها أفقدت ذروة الفيلم الإخراجية والسينمائية بشكل عام, وبودي ختاما أن اشكر الهيئة الإدارية للبيت العراقي في دنهاخ على استضافتنا لعرض هذا الفيلم كما اشكر الإعلامي رياض الفرطوسي والسينمائي محمد حياوي والاخوة الذين حضروا جميعا إذ معهم اصبح العرض والمناقشة ممتعة وجميلة..

*مقال قاسم حول نشر في صحيفة الشرق الأوسط وهو بعنوان (الفيلم الذي اثقل ظهر بوش).
**مفردة مقاومة لا تعني بان المتحدث يقصد الإشادة بالمقاومة أو تشويهها فهي بغض النظر عن كونها سلبية أو إيجابية –أي المقاومة- لا علاقة لها باللفظ فالمقاومة تعني فيما تعني الرفض والتنديد كانت ما كانت النتائج , وهذا بعكس ما يتنطع به البعض بأن لفظ المقاومة يعطي صفة القداسة للإرهاب ,لذلك اقتضى التنويه.

posted by balasim @ الأربعاء, مارس 25, 2009,

0 Comments:

إرسال تعليق

<< Home

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفيل السينمائي

موقع الفيل السينمائي يهتم باحلام وهموم واخبار ونتاج السينما العراقية ويهتم ايضا بفن الفيديو والكتابة السينمائية الابداعية في مجال النقد والسيناريو. ويرحب موقع الفيل بكل الاقتراحات والاراء. يمكنكم ان ترسلوا صور من افلامكم لتوثيقها في الموقع ونستقبل ايضا اي صورة من ارشيف السينما العراقية. يرحب الفيل بكل الاصدقاء والزملاء الذين يرغبون في المساهمة في تحرير الموقع.تأسس موقع الفيل عام 2005 ثم توقف عن العمل لفترة طويلة لاسباب وظروف عديدة ثم عاد الى شبكة النت بعنوان جديد في عام 2008


يقوم الفيل باعادة نشر المواد والاخبار المهمة فقط عن السينما العراقية مع الاشارة لمصدر النقل.اما المواد والكتابات التي ترسل من قبل اصحابها ,والمنشورة سابقا، فلن نشير في موقع الفيل الى مصدر نشرها الاول. يسمح بنقل ونسخ مواد وصور موقع الفيل الخاصه به بعد الاشارة الى المصدر. ننشر الكتابات والدراسات عن السينما العربية والعالمية باقلام عراقية فقط. يتم تحديث الموقع باستمرار. تظهر المواد الجديدة في الصفحة الرئيسية ثم تنقل الى ابواب الموقع.جميع المواد ترسل الى بريد المحرر الشخصي

تحرير واشراف

حسن بلاسم


  • الموقع الشخصي
  • Hassan Blasim

  • hassanblasim@hotmail.com

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    الحركةـ الصورة

    من الممكن مقارنة المؤلفين السينمائيين الكبار ليس فقط بالرسامين والمهندسين المعمارين والموسيقيين ، وانما يالمفكرين ايضا. فهم فكروا من خلال الصورة ـ الحركة والصورة ـ الزمن ، بدلا عن التفكير من خلال المفاهيم والتصورات. غير ان المقدار الهائل من الضعف وعدم الكفاءة في الانتاج السينمائي ليس اعتراضا على ذلك. فهو هنا ليس اسوأ منه في اي مكان اخر ، بالرغم من نتائجه الاقتصادية والصناعية الفادحة. لكن المؤلفين السينمائيين العظام ، هم فقط اكثر قابلية للجرح وتثبيط العزم من غيرهم. وما من شيئ أسهل من احباطهم والحؤول دون انجازهم لاعمالهم ، وتاريخ السينما حافل بقائمة طويلة من الشهداء

    جيل دولوز

    بحث مخصص

    Powered by Blogger
    make money online blogger templates

    الفيل السينمائي


    تصميم شعار الموقع الفنان والكاتب خالد كاكي

    آخر تحديث